اخبار من كنيسة البشارة ، الميدان، حلب، سوريا
حلب ، 20 تشرين الثاني 2018
اخوتي الأعزاء:
بعد ست شهور من العمل الدؤوب و بالرغم من الدمار الذي خلفته الحرب تم افتتاح كنيسة سيدة البشارة و بنعمة من الله استعادت الكنيسة نشاطها كمركز للصلاة و النشاطات المختلفة. الناس في الرعية سعداء و متحمسين بالرغم من الواقع الحزين الذي يعيشونه.
مهمتنا تكمن في اعادة بناء ما تهدم. اي شخص زار منطقة ميدان حلب او رأى صورا لها يعرف مدى الدمار الذي تعرضت لها هذة المنطقة والحاجة الملحة لاعادت ترميمها و بناءها. بالرغم من الحاجة الماسة لترميم المباني، الّا انّ اولويتنا تكمن في اعادة بناء الاشخاص المتواجدين في المجتمع لإعادة احياء الامل و شفاء النفوس المجروحة لخلق مساحة كافية لتتعافى في بيئة صحية . التركيز على هذة الجوانب سيساعد في تحديد ومعالجة الأثر النفسي الذي خلّفته الحرب في النفوس من حقد و رغبة في الإنتقام. نحن نسعى لغرس الروح التي ستملك على قلوبهم لتوصلهم الى الحرية المنشودة لأبناء و بنات الرب. اولويتنا هي اعادة إحياء المجتمع المسيحي الصغير في حلب.
كما تعلمون فإن شهر أيار مخصص لأكرام امنا مريم العذراء. لقد كانت مصادفة جميلة أن الشهر التالي لإفتتاح الكنيسة في حلب كان شهر ايّار. كل يوم خلال هذا الشهر كان يجتمع عدد من الناس في الكنيسة لتكريم امنا مريم من خلال صلاة السبحة الوردية و ترنيم التراتيل و الابتهالات بالحان شرقية جميلة نابعة من القلب. كما اود الاشارة أن عدد لا بأس به من المؤمنيين يرجع اصلهم الى بلدة عفار و لكنهم اجبروا على ترك بيوتهم والإنتقال الى مناطق اخرى في حلب.
اود من خلال هذة الرسالة ان اخبركم بشيء غريب و في نفس الوقت لطيف: خلال شهري ايار وحزيران المخصصان لإكرام امنا مريم العذراء وقلب يسوع الأقدس على التوالي ، نذر العديد من المؤمنيين أن يرتدوا ملابس مشابهه لما كانت ترتديه مريم العذراء او القديس انطونيوس لشهر كامل بشكل دائم. كنا نراهم في كل انحاء المدينه يرتدون هذا اللباس من دون خوف ليذكرونا كيف نعيش ايماننا. كنا نراهم في كل مكان : في الشوارع ، و لجامعات و لمكاتب…الخ. كم كان هذا جميلاً!
عند افتتاح الكنيسة والمرافق، تم تشجيع عدد من النساء والشباب على التسجيل في دورة تصفيف الشعر. كانوا اول المشاركين من بين مجموعة من الناس اللذين يعيشون في المنطقة التي دمرتها الحرب. في شهر آب ، بدأنا دورة المكياج ونقدم حاليا الدورة الثانية من تصفيف الشعر. نحن نحاول الحصول على أفضل المعلمين المتاحين تننهي الدورة التدريبية بحصول المشاركين على شهادات رسمية تمكنهم من العمل.
بالنظر إلى الأمر من الخارج ، قد يبدو للبعض عاديًا جدًا ، ولكن بالتأكيد هؤلاء السيدات والشباب لمجرد فكرة الالتقاء ببعضهم وتغيير الجو الرتيب الذي يعيشونه ومشاركة الخبرات قد وجدوا في هذا حافزًا لـ “إعادة البدء”.
في سوريا ، تبدأ العطلة الصيفية في منتصف شهر آيار. كانت أنشطة الأطفال والشباب هذا الصيف بسيطة للغاية ولكنها قوبلت بقدر كبير من الإثارة والترقب من قبل الشباب.
بعد جهد مكثف لتنظيم البرامج الصيفية ، بدأنا نقدم دورات اللغة الإنجليزية للأطفال والشباب والكبار . في آيّار الماضي، تمكنا من العثور على معلمين مؤهلين للغايةبخبرة طويلة في التدريس مما ساعد بشكل كبير المشاركين في الدورات التدريبية للاستفادة منها. مع هذه الدورة ، كما هو الحال مع جميع الدورات الأخرى ، بما في ذلك دورة الكمبيوتر القادمة ، نهدف إلى تزويد الشباب بفرصة لتطوير مهاراتهم مما يؤدي إلى خلق فرص عمل أفضل لهم.
في بداية العام الدراسي ، أيلول 2018 ، قمنا بتسجيل حوالي 40 طفلاً في دورة التعليم المسيحي. قدم مركز التعليم في حلب خمسة متطوعين لمساعدتنا في هذا المسعى. هؤلاء المتطوعون هم مجموعة من الشباب الذين خضعوا لدورة تعليم مسيحي مدتها سنتان وهم مجهزين بالكامل لإعطاء عقيدة الكنيسة بأمانة ودمج أنشطة ترفيهية جميلة وذات مغزى لدعم ما يقومون بتدريسه.
كان لأحد البرامج ، دون شك ، اثر هائل على حياة كنيستنا انه “مشروع المدرسة الصغيرة لدعم الطلاب”. كل يوم ، ما لا يقل عن 30 طفلاً ، يأتون إلى المركز لتلقي الدروس الخصوصية ومساعدتهم في اداء الواجبات المنزلية. يقود البرنامج سبعة طلاب جامعيين متطوعين من المنطقة. يتم الجمع بين كل هذه الأنشطة والأنشطة التي تدعم التكوين والنمو الروحي.
في كل يوم الثلاثاء ، لدينا أيضا ساعة السجود و نعمة الاسرار المقدسة. كما نقوم بزيارات لبيوت العائلات التي عانت من دمار الحرب الهائل. تلك الأسر و بالرغم من فقدان ذويهم ، و تشتت افراد العائلة ، والفقر المفاجىء ، و ما تلاه من نهب و تدمير ، بقي افرادها مخلصين لمبادئهم. لقد كان هذا الإيمان القوي والثابت هو الذي مكنهم من تجاوز كم الشر الذي عانوا منه و ما زالت عقيدتهم نفسها و هذا ساعدهم في العثور على معنى في هذه الحياة.
نواصل تقديم هذه البرامج والأنشطة للمؤمنين الذين يتعاملون مع “مجموعة العمل الاجتماعي” الخاصة بنا. بالإضافة إلى ذلك ، نواصل “الزيارات المنزلية” للأسر في المناطق المدمرة ، من أجل تحديد الحالات الأكثر حاجة لمساعدتنا. وكما ذكرت من قبل ، فإن العديد ممن لم يهاجروا هم من المسنين المحتاجين ، أو لديهم إعاقات ولسوء الحظ ، فإن العديد منهم يعيشون وحدهم.
كما تعلمون ، لدى أخوات SSVM أيضًا مكان في المطرانية الا و هو سكن الفتيات اللواتي يدرسن في الجامعه . كما قام الأب ديفيد فرنانديز ، في تلك السنوات الصعبة ، بافتتاح سكن للشباب اللذين يدرسون في الجامعة ايضا ؛ وهو السكن الاول من نوعه في حلب. في نهاية تموز ، ، تم تكليفي بالإشراف على سكن طلاب الجامعة الشباب ، و الذي يقع بجوار المطرانية ، غرب المدينة. في هذا الوقت ، كان هناك 15 طالبًا من داخل سوريا وعدد من الطلاب الآخرين الذين انتقلوا من منازلهم إلى السكن بسبب مجموعة متنوعة من الظروف العائلية. جميعهم مسيحيون من طقوس مختلفة ، بما في ذلك الارمن الأرثوذكس والروم الملكيين و الروم الارثودكس. جميعهم يشتركون ليس فقط بما مرّوا به من مآسي و لكنهم يشتركون في الهوية المسيحية القوية . نحن نحاول جهدنا لنساعدهم لأنهم مستقبل الكنيسة في سوريا.
من المهم تسليط الضوء على المهمة البطولية التي قام بها الأب ديفيد والأب رودريغو روخاس خلال تلك السنوات الصعبة المليئة بالنزاع ، حيث كانت حلب تحت سيطرةالجماعات الإسلامية ، ومساعدة الطوائف الدينية (SSVM ، الكرمليين ، والأخوات من المحبة) كما العائلات المختلفة والشباب. نلزم أنفسنا بالصلاة من أجلهم ، والتوسط لعملهم الرسولي الجديد في مهماتهم الجديدة.
نشكر المتطوعين الذين ساعدوا كنيسة البشارة في الأشهر الماضية ، وكذلك لجميع الأشخاص الذين ساعدوا وما زالوا يدعمون مساعينا. خاصة إلى وسام من حلب وهو الآن في السنة الثانية من الفلسفة في مجمعنا في إيطاليا. حيث انه خلال عطلته ساعدنا في بعض الأنشطة.
نشكر المحسنين الذين كان لمساعدتهم لنا اثر كبير في تحقيق الكثير من أحلامنا في هذا الوقت. إنها بلا شك قضية مهمة لمواصلة مساعدة أولئك الذين ينحدرون من المسيحيين الأوائل وأصحاب هذه الأرض التي لا تزال غنية بالتقاليد المسيحية. دعم الكنيسةهو دعم أيضًا للمجتمع المسيحي في حلب.
عيد الميلاد القادم سيكون الأول الذي سنحتفل به في هذه الكنيسة بعد سنوات عديدة. ستكونون حاضرين في صلاتنا وسنطلب في ليلة الميلاد المقدسة أن يحل الله السلام في قلوبنا ، وأيضاً أن يهب السلام لهذا البلد ولشعبه.
بركة امنا مريم،
الأب هوغو فابيان الانيز
ايميل: hugoalaniz@ive.org
+963991121167 هاتف: